الثلاثاء، 9 يونيو 2015

السيناريو .. البنية المعجزة الصناعة الخرافية في العقول البشرية

متضمنة في سكريبت كت



نعود بعد انقطاع طويل في شهر رمضان المبارك لنكمل رحلتنا الشيقة في عالم السينما.بعد أن تطرقت الى اثنين من مبهرات البنية الرائعة في سيناريو الافلام وهما المخيلة والزمن الافتراضي, أصل معكم الى العنصر المبهر الثالث والأهم والأجمل وهو الصناعة الخرافية السينمائية في عقولنا البشرية.

 هنالك مصانع عملاقة تكمن داخل عقولنا البشرية. مصانع متخصصة في تصنيع الصوت والصورة وجعلها في اتساق نراه عبر مخيلتنا الخصبة. وكلما كانت تلك المخيلة خصبة وجامحة أكثر كلما ازدادت جودة وحرفية وابهار تلك المصانع. وهذه المصانع هي احدى عجائب قدرة الخالق عزوجل التي ميز به الجنس البشري عن سائر المخلوقات الأخرى. تلك الأعجوبة التي تشترك فيها حواس الانسان مع طاقاته العقلية في رسم عوالم لا متناهية قوامها الصور والاصوات ومنبعها الحس والتفاعل مع مايحيط به.
اشبه العقل البشري الخلاق المبدع بذلك المصنع الذي ينتج عشرات البكرات الفلمية المبهرة لأفلام تدور داخل عقولنا تنتجها مصانع مخيلتنا العظيمة اللامحدودة .هذه البكرات تصبح أجود وأجمل في نتاجها وعطاءها حينما تتوافر وتدور داخل العقول ذا الميول الفنية كالأدب بفروعه في كتابة القصة والرواية والمسرحية والسيناريو وحتى الشعر وكذلك الفنون البصرية الاخرى كالاخراج والتصوير وغيرها.

نصل هنا الى مربط الفرس. علاقة هذه المصانع الضخمة ذات البكرات الفلمية بكاتب السيناريو. هي علاق مترابطة تماما شديدة الوثاق كعلاقة الأم بطفلها الرضيع. مخيلة كاتب السيناريو هي أم افكاره ونتاجاته بينما النص الذي بين يديه هو الطفل الذي استقى من نهلها الجبار لينمو ويكبر ويصبح أجمل وافضل.

حينما تطرأ فكرة ما في ذهن كاتب السيناريو ثم يحيط تلك الفكرة بمكنونات الصورة لتتشكل وترسم في هيئة شخوص وأحداث وحوارات وحركة , تبدأ مصانع مخيلته رحلة الخلق الابداعية الجميلة الساحرة.تشتغل أدوات عملاقة قوامها الحواس والتفاعل مع الفكر لتحرك بكرة فلمية في غاية التناسق.ليس من السهل ابدا أن تستسهل وجود افلام سينمائية بجودة مذهلة وتفاصيل ابلغ من الدقة نراها رؤى العين في مخيلتنا. أجل هي قدرة عجائبية مذهلة يمتاز بها كاتب السيناريو المبدع الذي يفصل مايتخيله ويراه قبل كتابته لنصه واثناءها وبعدها حتى.وهنا يكون هذا العقل البشري هو الكاتب وهو المخرج وهو المونتير وهو شركة الانتاج بل وهو المشاهد ايضا. تخيلوا أننا نصنع أفلاما سينمائية بميزانيات خيالة خارقة لنقوم بتشغيلها ونشاهدها لوحدنا فقط. مجهود عقلي جبار وذاتي يحق لنا الوقوف أمامه بتفكر وتمعن لنحاول سبر أغوار ولو الجزء الاقل من اليسير منه.فمنذ بداية التفكير في فكرة الفيلم انتقالا الى رسمه وتخيله داخل عقله مرورا بتصويره واضافة الاصوات والمؤثرات فيه انتهاءا بكماله وعرضه ليعمل جاهزا داخل مخيلته, ينتقل الكاتب في رحلة خلاقة مبدعة مع هذا الفيلم التخيلي فيسعى الى محاولة كبح جماح جماليته وسطوته ليحوله من الخيال الى الواقع مكتوبا على الورق. وعبثا يحاول أن يسطر جل مايراه في الفيلم الذي تخيله على أوراق السيناريو الذي يكتبه.تلك عملية مرهقة فعلا وتحتاج الى تظافر الكثير من القدرات والخبرات لتصل الى نسبة 70 بالمئة من التطابق بين الفيلم التخيلي والفيلم الواقعي المكتوب على الورق.هذه القدرة الخارقة الفذة التي يمتلكها كاتب السيناريو لهي احدى بواعث النهوض بالفن في المجتمع العالمي لأنه تستبق أحداثا بل افكارا بل أزمانا وتفتح المجال لكون الأفكار والمجرات الخرائطية من الصور للعبور من مصفوفة الخيال الى لوح الواقع الأملس.







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أتحمل مسؤلية ما اضعه هنا