الثلاثاء، 9 يونيو 2015

الخيال الساكن والخيال الحركي في السيناريو السينمائي


متضمنة في سكريبت كت



سبق وأن تحدثنا كثيرا في مقالات سابقة عن أهمية الخيال والدور الذي يلعبه في وظيفة الكتابة السينمائية لكاتب السيناريو.هذه المرة سوف نتطرق الى تخصيص متعمق قليلا في هذا العنصر المهم ألا وهو الخيال الحركي داخل نص الفيلم السينمائي.هنالك نوعين من الخيال الذي يمكن أن يتخيله كاتب السيناريو. الخيال الساكن وهو الخيال الذي يرتبط بمشهد تقل فيه نسبة حركة الشخصيات والموجودات بشكل كبير جدا ليقترب الى شبه الصورة الثابتة في عقله يديرها الحوار على ألسنة هذه الشخصيات فقط بينما هي وباقي الموجودات من حولها في المشهد تخضع لحالة من السكون ويكثر هذا النوع من الخيال في نصوص الأفلام الصامتة أو التجريدية التي تعتمد على ايحاءات المكان وتأويلات القاريء / المشاهد فيما بعد أكثر من لغة الجسد.ولنضرب مثالا على ذلك, مشهد ليلي ما في غرفة جلوس تجمع شخصين ثريين من الطبقة الراقية يخوضان حوار سياسيا هادئا يتفقان فيه تمام التفاق بعد مشهد سابق تناولا فيه أكواب الشاي أو القهوة.سنلاحظ هنا سطوة الهدوء والسكون في المشهد ابتداءا من اللغة المنمقة الرتيبة الايقاع التي يستخدمانها الى قلة الحركة الجسدية وصولا الى هدوء المكان من حولهما.في هذا النوع من الخيال الثابت نسبيا يستخدم كاتب السيناريو أفكاره لبناء المكان الذي يدور فيه الحدث اضافة الى التركيز على الايحاءات التي تُعبر هنا بأقل قدر ممكن من الحركة بحيث لايقع القاريء أو المشاهد في حالة من الملل أو الضجر, اذن يصاحب هذا النوع من الخيال قدرات عقلية عالية من قبل الكاتب للبحث عن أوجه ابداعية تجعل من المشهد الساكن ذو متعة عقلية حسية ما أو ذو قالب لايبعث السأم في أعين المطلع.تكثر في هذا النوع من الخيال ايضا استخدامات العبارات والجمل الوصفية في النص جنبا الى جنب مع الجمل الحوارية مع التركيز على الاثنين لايصال الفكرة من وراء وجود المشهد في النص وفي هذه النقطة يتشابه كثيرا مع الخيال الحركي الا أن الأخير تقل فيه الجمل الحوارية .


واذا جئنا للحديث عن الخيال الحركي فهو ذلك النوع من الخيال الذي يرتبط بمشهد تكثر فيه نسبة حركة الشخصيات والموجودات في المشهد الفلاني ليأتي في قالب ديناميكي متعاقب اغلب الأحيان.يكثر هذا النمط من الخيال في نصوص أفلام الحركة والاثارة , أكشن ,مغامرات, حروب ملحمية, رعب....الخ.حيث يسهب ويشطح خيال كاتب السيناريو كثيرا وبشكل متسلسل متصاعد تارة متنازل تارة أخرى في وصف حركة الشخصيات والموجودات داخل المشهد.قد تكون هذه الحركة عنيفة سريعة وقد تكون هادئة ذات تأثير قوي ويبقى خيال الكاتب في خضم عجلة فلمية فكرية متحركة تصف مايحدث داخل المشهد بشكل أكبر وأضخم من وصفه لمشهد ذو خيال ساكن حيث تقل الحوارات هنا ويتسع المجال للغة الجسد وتفاعله مع الموجودات حوله.قد يحدث أن تتواجد ثلاث شخصيات فقط في مشهد واحد وتقوم بفعل حركي يمثل مامجمله أغلب الذخيرة الحركية التي وضعها الكاتب في نصه.كلها قياسات تعتمد على نوعية الفيلم وخيال الكاتب وقدرته على تسخير أدواته الابداعية في النص الذي يعلم عليه.مايميز الخيال الحركي هنا عن نظيره الساكن هو القدرة على شد القاريء/ المشاهد بسهولة أكبر , حيث ان من عادة العقل البشري تتبع الحركة والتفاعل معها اكثر من النظر الى صورة شبه جامدة لا حركة فيها ولا حافز الا اذا كانت معدةة, مكتوبة ومصممة ومصورة بطريقة جد استثنائية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أتحمل مسؤلية ما اضعه هنا