الثلاثاء، 9 يونيو 2015

دمج وفصل الأفكار في السيناريو

رؤية سينمائية
هيم سليمان
سيناريسيت سينمائي وتلفزيوني






غالبا ماتكون هنالك فكرة واحدة مسيطرة على نص السيناريو السينمائي.تلك الفكرة هي الفكرة الرئيسة التي تدور حولها بقية عناصر القصة.لكن كون هذه الفكرة هي الوجود الأم في ذلك النص, لاتعني أنه لاتوجد مجموعة أفكار فرعية أخرى تستنبط من الفكرة الأم وهذا شيء بدهي يستطيع الكاتب أن يلمسه في أولى المراحل التحضيرية لكتابة النص ألا وهي مرحلة العصف الذهني.لن أتطرق الى هذه المرحلة فلقد سبق وأن تحدثنا عنها في مقالات سابقة مضت بشكل مكثف وأعمق, لكنني سأركز على نقطة التفرع والتجمع في هذه الأفكار الفرعية طالما أن موضوع المقال يطرق وبطريقة مباشرة مرحلة العصف الذهني .عملية التجمع والتفرع في أفكار النص الفرعية هو عملية معقدة لايستهين بها الكاتب أبدا وان بدت للقاريء أنها سهلة لا تحتاج الى جهد كبير.حيث تكمن خطورة هذه العملية في نشوء ما يمكننا تسميته بظاهرة فصل ودمج الأفكار داخل النص وهذه الظاهرة من الخطورة بحيث يمكنها أن تبعد النص عن مساره الذي رسمه الكاتب بل لن أبالغ اذا قلت انها قادرة على تدمير النص بأكمله لاحقا.


حينما تتوالى الأفكار الفرعية التي يشتقها الكاتب من الفكرة الرئيسة, يركز الكاتب على بقاء هذه الأفكار في حيز القصة المكتوبة في كافة مشاهد النص الذي بين يديه.ورغم أنها عملية مرهقة مثلما أسلفنا الا أنها من الضرورات التي ينبغي أن يتعامل معها الكاتب بحذر ووعي لكي لا يحلق بعيدا عن هذا الحيز بالتالي يفقد القدرة على وحدة الفكرة وتكامل القصة.كما يراعي الكاتب ايضا أن يدمج بين مجموعة الأفكار تلك بطريقة سلسلة مقنعة لا تأتي عبثا ولا اعتباطا أو لتسد فراغات المط أو التكرار التي قد يعاني منها النص – وهي ظاهرة متفشية في النصوص الدرامية المخصصة للتلفزيون - ولنبسط الأمر يمكننا ضرب مثال بسيط.لدينا قصة تدور أحداثها في مزرعة صغيرة بين أخوين اثنين كبيرين في السن وقت الظهيرة.نرى في هذا المشهد الاخوين يخوضان جدالا حادا حو أحقية كل منهما في السقي أولا بماء الفلج يتمخض في الحوار عبارات تشير الى حق دفين متأصل بينهما منذ سنوات بعيدة.لدينا في هذا المشهد فكرة رئيسة الا وهي الصراع القائم بين الأخوين ويمكننا أن نستنبط مجموعة من الأفكار الفرعية منها مثل حركة قائمة في المشهد ترينا أحد الأخوين وهو يحاول ايقاف تدفق ماء الفلج الى القسم المخصص لأخيه من المزرعة بينما الأخ الأخر يحاول ثنيه عن فعل ذلك .نستطيع أن ندمج فكرة أخرى مع هذه الفكرة بأن تكون مثلا قدوم أحد ابناء هذين الأخوين ليعتب عليهما استمرار النزاع والخصام في كل حين وساعة.لكننا لايمكننا باي حال من الأحوال أن نفصل هذه الافكار بخلق فكرة أخرى دخيلة ندمجها مع الفكرة الفرعية السابقة  لتفسد كينونة الفكرة الرئيسة فنقوم مثلا بايجاد فكرة تقوم على أن يقوم أحد الأخوين بتحويل مسار الفلج ليذهب الى مزرعة مزارع أخر لايقرب لهما وهما في لجة الصراع والجدال.لن تفيد الفكرة الأخيرة وحدة الفكرة وبناء القصة شيئا بل على العكس ستقوم بتشتيت هاتين الأخيرتين وتشويهما بالتالي الابتعاد والفصل عن الفكرة الرئيسة وبقية الافكار الموجودة بالنص.

ان تركيبة الفكرة وصياغتها وتوجيه مسارها نحو الطريق الصحيح هي قدرة احتراف مبنية على تجارب كثيرة من الكتابة يستحدث فيها الجميل ويستنسخ منها المفيد داخل النص وحينما تكون الفكرة هي سيدة النص , وجب على الكاتب اعطاءها من الاحترام ماهي أهل له.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أتحمل مسؤلية ما اضعه هنا