الثلاثاء، 9 يونيو 2015

كاتب, رقابة ,مخرج ...وهلم جرا

رؤية سينمائية
هيثم سليمان
سيناريست سينمائي وتلفزيوني







عندما نقوم بخلق فكرة ما تخصنا ولا تخص أحدا سوانا, ينتابنا ذلك الشعور بتملك تلك الفكرة بل ويتعداه الى شعور الخوف عليها من السلب او التشويه أو التغيير .ولطالما كان الصراع أزليا بين رؤية الكاتب في نص السيناريو وبين رؤية المخرج لنفس النص فيما بعد.انها تلك النزعة النفسية التي تتملك شغف الكاتب في عمله لتدفعه الى الشطوح في رؤيته الفنية للنص بشكل يدخل فيه لاشعوريا في صلب عمل المخرج الذي تأتي رؤيته الاخراجيه كدور طبيعي يكمل سلسلة صنع العمل.

ولأسوق مثالا بسيطا على ماسبق, يحدث كثيرا – خصوصا في مرحلة الكاتب المبتديء- أن يقوم كاتب السيناريو بايداع رؤيته التصورية لاحداث القصة في النص بحيث يغرق في ذكر الكثير من التفاصيل كنوع الموسيقى واتجاهات حركة الشخصيات وحتى نوع المؤثر الذي يمكن استخدامه في الفيلم نفسه.هذه التفاصيل يراها الكاتب حقا طبيعيا له لأنها – من وجهة نظره- تبين للمخرج مالذي يراه ويتخيله في النص وعلى أساسه ينبغي ان يخرج الفيلم حسب ماذكر بالنص.وفي هذا الشأن هنالك جدل تتناوله عدة اطراف.

أولا الكاتب نفسه, حيث أنه يرى كتابة هذه التفاصيل في النص جزء من اظهار ملكة الابداع لديه ورغبة جامحة في فتح أعين المخرج والقاريء على حد سواء لما يريد ايصاله الى الشاشة.ولطالما كان حلم كل كاتب سيناريو منذ الأزل أن يتوفق بمخرج يرى النص الذي كتبه مثلما يراه هو بحذافيره.لهذا نشأ ذلك النوع من التوجه القائم على وجود نمط الكاتب المخرج.


ثانيا المخرج, حيث أن المخرج في الاساس ليس مرغما على التقيد بكل ماجاء في النص تفصيلا.هو ايضا لديه ملكاته الابداعيه وقدراته ورؤيته الخاصة في اخراج النص الى النور .لكن المخرجين بطبيعة الحال يتفاوتون في مدى الانفتاح وتقبل سطوة النص كما هي.فنجد المخرج الذي يرفض تماما أن يتدخل كاتب السيناريو في طريقة تنفيذ الفيلم كما نجد المخرج الذي يسعد بالجلوس مع كاتب السيناريو ليستمع الى اقتراحاته ورؤيته ثم يوفق بين رؤيته الخاصة ورؤية الكاتب وهذا مانحبذه جميعا.

ثالثا, الرقابة المكلفة بقبول النص.حيث اختلف توجه بعض الرقابات عن ماسبق في الماضي فباتت تدقق كثيرا في الطريقة الفنية لكتابة السيناريو أكثر مما تركز على التأكد من خلو النص من المحاذير المعيارية التي تعودت عليها ومنها الثالوث المحرم في فن وأدب الوطن العربي ( السياسة, الجنس , الدين).أجل هنالك رقابات تمارس مذابح جماعية بحق نصوص مبدعه تستحق الظهور وهذه المذابح كانت وما تزال مستمرة.وان لمن أسوأ سلوكيات التعسف في منظومة الرقابة أن تضع ضمن اعضاءها مخرجين ليس لديهم تقبل لشطوح الكاتب في نصه .حيث تصيبهم نزعة عدم حب تدخل الكاتب في صميم العمل الاخراجي مما يجعلهم ينظرون الى النص نظرة انتقامية أكثر مما هي مهنية.اذ مالضرر في اجازة نص تفصيلي لايخالف المعايير التقليدية ثم يتاح المجال لمخرج العمل (الأصلي) في التقيد بها أم لا لاحقا ؟
وعندما تحدثت هنا قليلا وعلى عجالة عن أزمة الكاتب, الرقابة والمخرج لا يعني أبدا أنني استوفيت الجزء اليسير منها اذ ان هذه القضية ستظل عالقة شائكة في محيطنا العربي حتى نصل ككتاب وكرقابة وكمخرجين الى مستوى الاحتراف المطلوب ومستوى تقبل عمل الأخر أخذين باعيننا أن التطوير في العمل السينمائي يقتضي اشتراك هذه العناصر الثلاثة معا وبشكل ايجابي.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أتحمل مسؤلية ما اضعه هنا