هيثم سليمان
سيناريست تلفزيوني وسينمائي
الكثير منا يخطأ في تصنيف الأفلام السينمائية
وبشكل مجحف ليضعها في خانة الفن فقط.وهذه الاجحاف ينبع من غلبة التكنولوجيا
البصرية خصوصا المؤثرات الخاصة واليات التصوير وغيرها التي سحرت عقول الكثير من
المتابعين وجعلتهم يبهرون بشكل كلي بالمستوى الفني للافلام التي يشاهدونها متناسين
نقطة جوهرية مهمة الا وهي أن الفلم السينمائي قبل كل شيء هو عمل أدبي صرف.ولأقطع
الشك باليقين وأدلل بشكل منطقي على ما أقول دعوني أسأل هؤلاء ممن وقعوا في فخ
السحر البصري الفني, كيف ينتج الفلم السينمائي؟.أليس الفلم السينمائي عبارة عن قصة
مكتوبة بشكل سيناريو سينمائي؟ اذن هنالك نص تمت كتابته بالتالي لابد أن تكون هنالك
قصة ما. لم يسبق أن شاهدت يوما فيلما ناجحا يخلو من قصة مهما كانت هذه القصة في
مستواها وأركانها ,عمقها أو سطحيتها.كاتب السيناريو يعي تماما بأن المشاهد يبحث عن
قصة ما لتتسق جميع مكونات الفلم في ذهنه.القصة هي البيت الاساس الذي يحوي جميع
مكونات صناعة الفلم الأخرى.وكلنا نعلم أن القصة تصنف من الأعمال الأدبية .هنالك نص
مكتوب, هنالك خربشات قلم أو كيبورد بلغة التقنية الجديدة اذن هنالك عمل أدبي وهذا
أبسط وربما أفضل دليل أسوقه لاثبات أن
الفيلم السينمائي هو عمل أدبي فني نابع من رحم قالب أدبي بحت تحول فيما بعد الى
محتوى بصري سمعي اضيفت له امكانيات التصوير الحديثة ...الخ.ولنتحدث بشكل أوسع عن
هذه النقطة الجوهرية, نلاحظ أن صناع الأفلام في العالم العربي ككل يميلون الى عمل
الأفلام التي تأتي مباشرة من سيناريوهات معدة لهذه الأفلام بينما نعد وعلى الأصابع
الأفلام السينمائية المستوحاة من روايات أدبية رغم أن عالمنا العربي يزخر
بالروائين القدامى والمعاصرين.روايات أدبية تستحق فعلا أن تأخذ طريقها الى صالات
السينما ليشاهدها الجمهور.الكاتب العملاق الراحل نجيب محفوظ كان أوفر الكتاب حظا
في تحويل أعماله الأدبية الى أفلام سينمائية مصرية ومنها " زقاق المدق, خان
الخليلي, السراب, بداية ونهاية قصر الشوق " وغيرها الكثير من الأعمال التي
وجدت صناع الأفلام ذوي الذائقة الأدبية الواقعية الفذة لاخراجها الى النور.وما تزال
هنالك شراذم تجارب هنا وهناك لبوادر مشابهة مثل تلك التي قرأت عنها عن تحويل رواية
الكاتب الكبير الطيب صالح " موسم
الهجرة الى الشمال" الى فيلم سينمائي وايضا روايتي " ذاكرة الجسد"
و " الأسود يليق بك" للكاتبة الجزائرية الرائعة أحلام مستغانمي.اذن
هنالك بوادر قديمة أخذت في التناقص وربما في التذبذب شيئا ما في مسألة المزاوجة
الأدبية الفنية بين السينما وتلك الأعمال.لكننا ان رحلنا الى عالم الغرب نجد أن
هذا التوجه يحتل أهتماما واسع النطاق.حيث يحفل سجل هؤلاء خصوصا في بلاد العم سام-
كون المركز الهوليودي للسينما يقع في
براثنهم- بالكثير من الأفلام السينمائية التي اقتبست من روايات لكتاب من مختلف
العالم نقلت أعمالهم الى الحيز البصري السمعي ليستمتع بها المشاهدون في العالم
أجمع.ولعمري يمكنني القول أن أي كتاب يحقق أعلى مبيعات في الغرب معرض وبشكل كبير
جدا الى تحويله الى فيلم سينمائي.وهذا المنهج يحسب لهم كثيرا حيث يضيف هذا المنهج
قيمة أدبية رائعة الى الأعمال السينمائية ويسهم في دعم الكتاب والمؤلفين وينجح
وبشكل فعال في خلق مزاوجة جميلة بين الفن والأدب.تلك المزاوجة التي نفتقر اليها
أحيانا في بعض من أفلامنا السينمائية محليا وعربيا. وختاما أقول, أنني مثلا عندما
أذهب لمشاهدة عمل سينمائي ما في صالات السينما فأنني أذهب وأنا مقتنع كليا بانني
ذاهب لرؤية قصة ما قبل أن يكون ذهابي لمشاهدة عمل فني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أتحمل مسؤلية ما اضعه هنا