رؤية سينمائية
هيثم سليمان
سيناريست سينمائي
وتلفزيوني
السينما العُمانية وان كانت ذات مشوار اقصر من القصير جدا كنتاج لن تكون
بعيدة عن خضم باقي الايدولوجيات التي نشأت وتماهت فيها السينما العربية والعالمية.
اذ أن هنالك سمات مشتركة تتشارك فيها العُمانية مع نظيرتها العربية والعالمية كون
الهاجس والهم السينمائي هو فضاء مشترك يعيشه جميع المشتغلين في الفن السابع حول
العالم. وعندما نتحدث عن هذه الايدلوجيا نحن نتحدث عن أنماط وظواهر نشأت بعدة
مسببات منها الجمهور والنظام والممارسات السينمائية. فهنالك الجمهور الذي يفضل
كثيرا الأعمال السينمائية ذات الصبغة المحلية الخالصة والتوجه التقليدي كما يوجد
القليل من النقيض ايضا وهنالك النظام الذي يتصف بالبيروقراطية وسلسلة من الشكليات
والرسميات التي ماتزال تعيق الحرية السينمائية وهنالك الممارسات السينمائية كثقافة
سينمائية ونضج سينمائي يكافح جاهدا للظهور بشكل أوضح للعيان داخليا وخارجيا. وهذه
الأنماط والظواهر تعني كاتب السيناريو مثلما تعني بقية أطراف فريق صنع الفيلم
السينمائي حيث يكاد هو العامل الأكثر تأثرا بها بل وتحويلا لها الى مخرجات ابداعية
مختلفة المساق والقضايا .
مازلنا في السينما العُمانية نقدس تكدس السمعة السينمائية في الشخص الواحد
, فنسمع عن الكاتب الفلاني المعروف الذي كتب السيناريو الفلاني وهو يتحمل تلقائيا
سلبياته و ايجابياته وكأنها عملية مناظرة وتقييم لأداء هذا الكتاب ربما ليس
انطلاقا من حسن أداءه من عدمه ولكن من السمعة التي كونها عبر مشواره قصيرا كان أم
طويلا, تلك السمعة التي باتت وكأنها ماركة تخصه الى جانب غيره من المشتغلين
السينمائيين كالمخرج والممثل وغيره كان مستحقا لها أم لا.
ومن الأنماط ايضا نقد وتقصي الرسالة التي جاء بها الكاتب في نصه. قالب الفن
كرسالة ذات ابعاد اجتماعية تتداخل كثيرا مع أيقونات الارض والتأريخ. هذا القالب ما
يزال يطغى على الأعمال الكتابية الفلمية لدينا ويبدو أن القالب الاخر وهو الفن
للفن سيحتاج الى وقت طويل قد يمتد الى عقود ليظهر على الساحة بشكل أوضح وان كان
هنالك من سلكوا هذا القالب منذ فترة أمثال المخضرم سما عيسى والكاتبة الموهوبة أمل
السعيدي. وانه من بواعث الاسف بلا شك أن
يوجد هنالك تركيز لإبراز هذا الجانب من التوجه الايدلوجي في عمق السينما العمانية
حيث نأتي متراجعين كثيرا في احلال وتداول النقد السينمائي المحترف لرسائل أعمالنا
السينمائية بالرغم أنن نملك خبرات ليست بالهينة في هذا المجال أمثال المخضرم عبدالله
حبيب والناقد الرائع عبدالله خميس.
أما التمزق والتفرق في محتويات ومضامين المواضيع التي تتناولها
السيناريوهات العُمانية فهو ملحوظ الى درجة ما وما يزال يحمل ذلك الصراع النمطي
بين القديم والمستحدث – المستحدث الذي نراه نحن مستحدثا بينما غربا يأكل الدهر عليه
ويشرب ربما – حيث من الخطأ في رأيي أن نعتقد أن السينما العمانية هي سينما المؤلف
وسط خضم البيروقراطية والمحسوبية في اعتماد النصوص السينمائية للتجاوز مرحلة
القراءة والنقد المحترف – ان اتيح له المجال اصلا – الى مرحلة الانتاج والتصنيع. مازلنا
نمجد التراث والهوية في مواضيعنا المتداولة, ربما لأن هذا التوجه هو الأكثر قبولا –
ويمشي حاله محليا – أكثر من اي توجه ابداعي أو استحداثي معين.
ولأننا لسنا بذي المشوار الطويل في
تأريخ السينما بعد ولسنا من أرباب النهضة السينمائية القائمة على وجود المدارس
والحركات السينمائية المتعددة والحرة مثل فرنسا وأمريكا , تكاد الايدلوجية السائدة
في فننا السابع هي ايدلوجية التكرار والتقليد والتفرق والسمعة الاحتكارية المدعومة
بتوجه النظام السائد و لن تتغير معالم هذه الأيدولوجية الا بتغير المسببات الثلاث
التي ذكرت سابقا. حينها فقط يُفتح المجال لكاتب السيناريو لإبراز هذه المعالم
الجديدة.