هيثم سليمان *
على اعتبار أن الفن السابع هو أحد أعمدة الفنون في أي مجتمع متحضر يسعى لوضع بصمة واضحة في خارطة الحضارة الإنسانية، حاله حال بقية الفنون الأخرى، وجب أن تكون هنالك قنوات عدة من أجل تطويره والنهوض به ليصل إلى مستوى الوجود والمنافسة ومن ثم الصناعة.
بتنا نسمع كثيرا عبارة أشبه ما تكون بتوجه سائد لغسيل أدمغة ألا وهي"الفن ما يأكل عيش".. وعندما تأتي كهذه عبارة وسط نمو متزايد لسطوة الفن السابع في أروقة حياتنا المعاصرة سنشعر إما بسخف من ينادي بها أو بمحاولة لإثباط الجهود التي تسعى لإبراز هذا الفن.
كيف يُمكن أنْ لا يُطعم الفن عيشا وهو الذي صاغ ولا يزال العديد من القوالب الديموغرافية والاجتماعية والسياسية في حيوات المجتمعات؟ حسنا دعوني أسوق بعض الأمثلة على بعض الأفلام التي غيَّرت كيانات وأيديولوجيات مجتمعية كثيرة واشتهرت على مستوى العالم أجمع ومنها الفيلم البرازيلي "سيتي أوف جود" (إنتاج عام 2002)، والذي عرض تدهور حالة الفقر في إحدى ضواحي البرازيل، وكذلك فيلم"قندهار" للمخرج الإيراني محسن مخملباف (إنتاج 2001)، والذي يحكي رحلة في دهاليز العقائد والممارسات التي حفرتها طالبان في المجتمع الأفغاني، وفيلم "ذا ميركل وركر" (إنتاج عام 1962) للمخرج أرتن بين، والذي يحكي قدرة الإسنان على التغلب على الصعاب من حوله والصراع بين الظالم والمظلوم، وفيلم"جدجمنت أت نمبيرج" لمخرجه ستانلي كرامر، والذي كشف الكثير من الفظائع وويلات الحروب من محارق واضطهاد في حقبة الحرب العالمية الثانية...وغيرها الكثير من الأفلام التي غيَّرت مجرى التأريخ، بل وساعدت المجتمع على النمو والتطور؛ إما بنشر الوعي والحصول على حقوقه، وإما بتبيان منهج سيئ يجب تعديله داخل المجتمع نفسه، وإما بكشف الحقائق وتثقيف المجتمع بما يجري حوله.
... إنَّه الزَّخم الإنساني الفاعل الذي يضيفه الفن السابع إلى حياتنا كمجتمع متمدن.فحيثما يتواجد الحدث يتواجد الفن، وحياتنا لاتخلو من الأحداث المؤثرة والمهمة التي ينبغي على أحدٍ ما في يومٍ ما أن يُوثقها ويُقدمها إلى المجتمع لتبيان الرسالة وإبراز الحدث ما له وما عليه.كيف لنا أن نتجاهل القيمة الإنسانية التي يقدمها الفن السابع، ونأتي بكل صفاقة لندرجه محل الهامش من الشيء؟ لن أبالغ إن قلت إنَّ الفنون كافة بشتى أنواعها هي حق مجتمعي حضاري لأفراد المجتمع ومن الواجب أن يتم الاهتمام بها وتطويرها ونشرها بين العوام. هل اقتصاديات الدول -غير الفن- أهم فعلا من التثقيف والنمور الفكري للمجتمعات، فنجد جل الاهتمام ينصب على الصناعات الأخرى -ولك أن تسمي ما شئتمنها- بينما يُهمل الفن ويترك للجهود المقسمة العابرة! وما يدفعني إلى الشعور بالمرارة هو وعينا جميعنا بقوة وسطوة عالم الإعلام في فرض قرارات وتغيير مصائر مجتمعات دولية بأكملها، وفي نفس الوقت نتجاهل السعي في تطوير هذه الأداة المهمة التي يمكن أن تُثقف وتنشر الوعي وتعيد التفكير في الكثير من نواحي حياتنا. نحن نرى ونسمع، ولكننا لا نطبِّق مع علمنا أننا في مرحلة صراع حضاري فكري مُسيس يتفنن صُناع الفن فيه زرع أهدافهم فيه -صالحها وطالحها- ونكتفي بدور المتلقي تارة والمصفق تارة أخرى.سؤالي: متى سيكون الفن السابع على وجه التخصيص العيش كله بنظرنا؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أتحمل مسؤلية ما اضعه هنا